تفسير (الاية الأولى) من سورة الفاتحة للشيخ الشعراوي رحمه الله
أننا نبدأ أيضا تلاوة القرآن بسم الله لأن الله تبارك وتعالى هو الذي أنزله لنا ويسر لنا أن نعرفه ونتلوه فالأمر لله علما وقدرة ومعرفة واقرأ قول الحق سبحانه وتعالى قل لو شآء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون يونس 16 لذلك أنت تقرأ القرآن باسم الله لأنه جل جلاله هو الذي يسره لك كلاما وتنزيلا وقراءة ولكن هل نحن مطالبون أن نبدأ فقط تلاوة القرآن بسم الله إننا مطالبون أن نبدأ كل عمل باسم الله لأننا لابد أن نحترم عطاء الله في كونه فحين نزرع الأرض مثلا لابد أن نبدأ بسم الله لأننا لم نخلق الأرض التي نحرثها ولا خلقنا البذرة التي نبذرها ولا أنزلنا الماء من السماء لينمو الزرع
والإنسان لا قدرة له على إرغام الأرض لتعطيه الثمار ولا قدرة له على خلق الحبة لتنمو وتصبح شجرة ولا سلطان له على إنزال الماء من السماء فكأنه حين يبدأ العمل باسم الله يبدؤه باسم الله الذي سخر له الأرض وسخر له الحب وسخر له الماء وكلها لا قدرة له عليها ولا تدخل في طاقته ولا في استطاعته فكأنه يعلن أنه يدخل على هذه الأشياء جميعا باسم من سخرها له
ولا تعتقد أن الأسباب والقوانين في الكون لها ذاتية بل هي تعمل بقدرة خالقها الذي إن شاء أجراها وإن شاء أوقفها
الجمل الضخم والفيل الهائل المستأنس قد يقودهما طفل صغير فيطيعانه ولكن الحية صغيرة الحجم لا يقوى أي انسان على أن يستأنسها ولو كنا نفعل ذلك بقدراتنا لكان استئناس الحية أو الثعبان سهلا لصغر حجمهما ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يجعلهما مثلا لنعلم أنه بقدراته هو قد أخضع لنا ما شاء ولم يخضع لنا ما شاء ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينآ أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون يس 7172 وهكذا نعرف أن خضوع هذه الأنعام لنا هو بتسخير الله لها وليس بقدرتنا