رواية ميراث القلوب بقلم الكاتبة نرمين عادل همام حصري لموقع ايام
على ملامحها
الأم وهي تتنهد بتعب
يا ريت بس أنا حاسة إن الموضوع ده مش هينتهي بالساهل شكلها ناوية على مصېبة جديدة
وقف عبد الوهاب ببطء وأخذ نفسا عميقا وهو ينظر إلى الخارج عبر النافذة الصغيرة
عبد الوهاب بثقة
مهما عملت إحنا مش هنسيب حقنا ولا نرد غلط بغلط اللي له حق عند ربنا بياخده وأنا واثق إن ربنا هيكفينا شرها
في بيت عبد الوهاب بعد المغرب
كان الجو مشحونا داخل المنزل حيث بدت الأضواء الخاڤتة وكأنها تعكس التوتر بين الموجودين صوت طرق الباب العالي قطع الصمت فتوجهت أم علا لتفتحه وهي تتمتم بكلمات لم يسمعها أحد دخلت عنايات بخطوات واثقة وجهها عابس تحمل ملامحها نية واضحة لإشعال الموقف
أنا جيت دلوقتي يا أخويا ومعايا بنتك وقلة أدبها وأنا أقول ليه هي رافضة ابني اتاري بنتك بتكتب في المسخرة وانت يا سلام رحت اشتريت لها تليفون ويا عالم بتعمل عليه إيه طول الليل! طول الليل سامعة صوت الأغاني جاي من ناحيتكم إزاي قابل على نفسك كده
أم علا وقد احمرت وجنتاها من الڠضب وهي ترد بصوت ثابت
عنايات تقاطعها بحدة
وإيه يعني مال ابني محسن ما يتجوزوها وتذاكر بعد كده
عبد الوهاب بصوت حازم وهو يتكئ على الطاولة
يا أختي احنا مش هنضحك على بعض ابنك ما بيشتغلش يوم هنا ويوم هناك وما عندوش غير إنه يغلس على بنتي في الرايحة والجاية أنا ما صدقت خلصت المدرسة من المصاېب اللي كان بيعملها هناك يمشي وراها ويقول للناس إنها خطيبته ويوقف سوق البيت
نعم خطيبته أيوه خطيبته وأنت اللي مش واخد بالك
أم علا بصوت عال وهي تشير بيدها بحدة
ومين اللي خطبها ومين اللي وافق على ابنك أصلا ومين اللي اتهف في عقله ويجوز بنته لواحد زيه
عنايات بتحد وهي ترفع حاجبيها
أنت اللي هتتهفي في عقلك وهتجوزيها لابني مش بس كده هتجهزيها أحسن جهاز وكمان هيتجوزها معاكم هنا يا في الشقة دي يا إما تبنوا له دور فوق أنتم لا عندكم عيل ولا تيل غيرها الخير ده كله هيروح لمين عايزين واحد غريب ييجي ياخده
يا ساتر يا رب! بعد عمر طويل إنت بتبشري على أخوك بإيه حرام عليك أخوك عنده القلب وتعبان
عنايات بنبرة مليئة بالبرود
يبقى عنده القلب وتعبان يبقى يعقل بقى ويركز ويشوف الكلام اللي أنا هقوله له يوم الخميس الجاي خطوبة ابني على بنتك وإلا وعهد الله بالكراسة دي ألف بيها البلد وأقول إن بنتك مسكوها بتكلم واحد
وهتروحي من ربنا فين يا مفترية
محسن محاولا الظهور بمظهر المدافع
يا أما أنا عمري ما أعمل كده وبنت خالي أشرف من الشرف أنا بس غيران عليها من الكلام اللي هي كاتباه
عنايات بضحكة ساخرة وهي تشير له بيدها
شوف لو عملت إيه وظهرت قدامها كأنك ملاك برضه هي مش عايزة تتجوزك لكن أنا أنا اللي هعرف أربيها وهلف بالكراسة دي وأقول إن البنت بتكتب كلام قليل الأدب
عبد الوهاب بصوت غاضب وهو يضرب بيده على الطاولة
اتقي الله يا عنايات! طول عمرك بتحبي الفضايح وتحبي تجيبي في سير الناس وعرضهم اتقي ربنا آخرتنا يا أختي شبر في شبر
عنايات وقد ازداد ڠضبها وهي ترفع صوتها
إنت بتبشر عليا بإيه! ماشي يا عبد الوهاب أما أجمع إخواتك كلهم بكره ونشوف مين هيغلب أنا ولا أنت وبنتك دي يا أنا يا هي!
خرجت عنايات من المنزل بخطوات عڼيفة وصوتها لا يزال يتردد في أرجاء الحي تاركة خلفها جوا مشحونا وقلوبا مثقلة بالخۏف والترقب
في ورشة منصور أخو عبد الوهاب
كانت الورشة تعج بصوت المطارق والمناشير ورائحة الخشب الممتزجة بالزيت تملأ المكان جلس منصور على مقعد خشبي قديم يمسح العرق عن جبينه بمنشفة حين دخلت عنايات بخطوات متحفزة
عنايات بصوت عال مليء بالاټهامات
شوف يا منصور يا أخويا وأنا هجيبها لك من الآخر البنت بنت أخوك دي مش مظبوطة شوف الكلام اللي بتكتبه إنت ما استغربتش كلام عن الحب والمرقعة وكأنها مستنية واحد بعينه يمكن مسافر ولا حاجة مش كده
منصور ينظر إليها بشك وهو يميل بظهره للخلف
احنا عمرنا ما سمعنا عن البنت كلام وحش والعياذ بالله هي بنت مؤدبة وزي الفل وبعدين أنا مش فاهم إنت قصدك إيه إنت كلامك ده مش بريء أكيد وراه حاجة قولي من الآخر علشان أفهم
عنايات تمثل البراءة وهي ترفع يديها
ظالمني يا منصور البنت دي أنا شاكة فيها قلت لأمها من كام سنة تعالي نعمل لها زي ما عملت للثلاث بنات بتوعي نجيب الداية ونطمن لكن أمها رفضت وقالت لا ما ينفعش أديك شفت النتيجة
بقلمي نرمين عادل همام
منصور بملامح مستاءة
وهي حرة في بنتها أنا عن نفسي وديت بناتي لدكتورة وعملت اللي عملته إنت اللي جبت الداية أم سحلول ده شيء يخصك كل واحد في ضناه حر وبعدين بناتي دلوقتي كبار واتجوزوا وخلفوا حتى الولدين عندي اتجوزوا وخلفوا يعني أنا خلصت من الحاجات دي زمان والناس دلوقتي بيقولوا إن الحاجات دي حرام
عنايات بنبرة معاندة
لا مش حرام وأنا بقول لك أهو البنت دي مش مظبوطة لازم نشوف معاها حل أقله نعمل لها الحكاية دي علشان نضمن إنها هتفضل هادية
منصور بتنهيدة وهو ينظر إليها بريبة
هو أنا ليه حاسس إنك عايزة تكسري البنت دي عملت لك إيه
عنايات تتغير ملامحها فجأة وهي تنظر بعيدا
ما تشغلش بالك دي حاجات قديمة بيني وبين أمها وبيني وبين أمك فاكر أمك والكلام اللي قالته عليا زمان
منصور بتجاهل واضح
أنا لا فاكر ولا عايز أفتكر قولي لي دلوقتي إنت جاية لي في شغلي وعطلتيني عايزة مني إيه
عنايات بنبرة حازمة
عايزة تجيب أخوك عادل ونشوف موضوع عبد الوهاب وبنته هو عادل متعلم ويقدر يقرا ويشوف الكلام ده البنت كاتباه لحد بعينه ولا مجرد هواية زي ما بتقول
منصور يهز رأسه بتردد
الشهادة لله الكلام يحتمل كده ويحتمل كده لكن أنا ما أقدرش أظلمها وبعدين إنت بتقولي إنك شاكة فيها وطول الليل شايفاها ماسكة التليفون طيب أنا مش عارف إنت بتشوفيها إزاي من السطح عندكم بتتجسسي عليها يعني
عنايات تحاول التهرب وهي تهز يدها
ما تتوهش الموضوع أنا بس مش عايزة البنت تطلع من إيدي وأبقى أنا اللي خسړت
منصور بحدة وهو ينهض من مقعده
اسمعي يا عنايات أنا مش هظلم بنت أخويا لمجرد شكوكك عبد الوهاب أخويا طيب وبسيط لكن ده ما يعنيش إننا نضغط عليه