الإثنين 06 يناير 2025

رواية غفران بقلم الكاتبة نرمين همام (حصري لموقع ايام)

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات

موقع أيام نيوز

عليا من بعيد ..
والمره دي ماسك في إيده سبحة حباتها من الخشب وكان بيقرب مني ومع كل خطوة بسمع صوت الخطوة كأنها خطوات. كأن معاه ناس كتيرة لكن أنا مش شايفهم. 
والغريب إن أنا كنت واقف ومبتسم كمان لأني شفت ابتسامته. 
قرب مني وقالي بصوت هادي 
نرمين همام
استنيتك في الجامع واستنيتك بعد التراويح إنت مجتش ليه أنا حاسس إن الأجل قرب وعايزك ټدفني. أصل أنا ماليش حد وعايزك بعد ما يدفنوني تقف وتقرا سورة ياسين أنا عارف إنك بتحبها وحافظها. ما تنساش إنت اللي هتدفني معاهم. ..فاهم يا مصطفى
وسابني وأنا واقف ومشى في الاتجاه العكسي وصوت الخطوات الكتيرة بدأ يبعد ويبعد.
أنا ساعتها قمت من النوم مفجوع لقيت أمي بتقولي
في إيه أنا ما أحبش كده. أنا عندي الضغط والقلب... لكن أقف أنادي عليك وما تردش عليا ده كتير قوي. وكمان كنت صاحي وبتتكلم.
قمت اتعدلت بسرعة ومسكت إيديها وبوستها وقلتلها 
وحياتك يا غالية أبدا. هو أنا فيه في حياتي أغلى منك والله يا أمي ما سمعتك.
أمي خرجت من الأوضة وأنا قمت اتوضيت وصليت واليوم عدى هوا. وبعد الفطار سمعت صفارة أحمد.
راحت ماما قالتلي 
انزل بقى روح شوف صاحبك المزعج ده وقول له إني ما بحبش صوت الصفارة اللي بيعملها دي. أوعك ما تصليش التراويح. خلي بالك أنا بعرف.
ضحكت لأني عارف إنها بتقول لي كده بس وفي نفس الوقت هي متأكدة إن أنا حصلي.
ونزلت لأحمد اللي كان مستني تحت. أما أنا بقى كنت متأهب قوي إني أقابل طاهر وإحنا في الجامع وأقعد أتكلم معاه .ما أنا مش عايز أقعد أتكلم على السلم اللي جنب باب السيبر علشان اللي نازل واللي طالع وعلشان زباين السيبر.
وفعلا وصلنا وبدأت الصلاة لقيت طاهر بيصلي في أول صف وكمان الشيوخ وهما بيعدلوا الصفوف قبل الصلاة كانوا بيطبطبوا عليه وبيكلموه والكل بينادوله 
يا طاهر يا طاهر. 
معنى كده إن الناس كلها عارفاه.
وبعد الصلاة بدأ كل واحد ياخد مصحف ويقعد يقرا فيه على جنب.
ولقيت أحمد مبتسم وبيقولي 
تصدق أنا كنت عارف وكنت مراهن عليك إبراهيم النهارده في التليفون وعارف إنك هتعمل كده. وأنا كسبت الرهان. هروح دلوقتي بقى أخلي إبراهيم يجيب لي كباية كبيرة من عصير القصب ما هو عيل بخيل.
وفعلا كأن طاهر أخد الإشارة أول ما أحمد قام وخرج من باب الجامع. وقتها لقيت طاهر ماسك نفس السبحة اللي شفته بيها امبارح في الحلم وبيضحك لي ومقرب عليا بخطوات بطيئة.
وكل ما حد يعدي من جنبه يطبطب عليه ولقيت واحد بيقوله ادعي لنا يا شيخ طاهر معاك وادعي لأولادي ربنا يهديهم وينجحهم.
ابتسم طاهر وقال له
بدعي لك يا أبو هشام وبدعي لعيالك وبدعي إن ربنا يعمر بيتك. كفاية الواجب اللي بتعمله معايا ربنا هيجازيك عليه خير وتبقى تفتكرني وقتها وتقول طاهر قال. خلي بالك ربنا شايل لك كل الخير هتلاقي الرزق جايلك بيجري.
هنا لقيت طاهر علا صوته جامد وكل الناس بصت وهو بيقول
يا ابن آدم بتقول يا رب ارزقني وما بتاخدش بالاسباب. بتبقى نايم وعايزه يرزقك وانت مكانك! ولو بيك علة ومش قادر تشوف شغلك قول يا رب أوهب لي. هو الوهاب هيوهب لك من غير أسباب! لان الوهاب بيوهب بدون اسباب.
وبدأ يقرب عليا وهو بيقول 
بيوهب بدون اسباب هو الوهاب.
لقيت الناس كلها في الجامع بيقولوا 
ربنا يفتح عليك يا شيخ طاهر. 
أنا استغربت قوي. طب قاټل ازاي لا بقى أنا عايز أفهم.
كان وصل جنبي وقعد وربع على الأرض جنبي وبص لي وهو مبتسم وقال عاوز تعرف السبب هقولك السبب.
حاولت أتكلم ما عرفتش مش خوف لأني ما بخافش لكن ما عرفتش أطلع الكلام. مش عارف أقول إيه. طبطب على كتفي وراح قايلي 
حط الكلمتين دول في ودانك. يا سعادة وكيل النيابة وبعد كده هيتقال لك يا سعادة المستشار. عايزك يا ابني تحكم بين الناس بالعدل وما تنساش تستفتي قلبك أولا وخد بالأسباب. مش دايما الورق المتسطر بيبقى صح يا ابني.
ما عملتش حاجة غير إني هزيت براسي فابتسم وقالي 
عاوز تسألني إيه
بلعت ريقي بالعافية وانا بقول 
أصلهم قالولي إنك عملت حاجة كده وأنا مش مصدقهم.
بص لي دقيقة كده وهو ساكت وكانت في الخلفية صوت الناس مجموعة منهم بتدعي ربنا ومجموعة منهم بتقرا قرآن.
وهو لسه مبتسم ابتسامته زادت وقالي
كل اللي سمعته صح يا ابني أيوه أنا عملت كده بس وقتها ما كنتش حاسس بنفسي وقتها ما كنتش عارف ربنا زي دلوقتي كان هو بيسلطهم عليا.
ما عرفتش أرد عليه لكن بصيت له جامد علشان يكمل.
فكمل كلامه وقال
عارف يا مصطفى لما واحد يعيش طول حياته إنسان طيب ومحترم ويجي في الآخر يعمل حاجة غلط وبعديها ېموت علشان كده دايما بندعي بحسن الخاتمة لازم ندعي بيها علشان نبقى ماشيين من صغرنا في السكة الصح.
سكت لحظة وكمل
مع إن الإنسان بيغلط وبيعمل ذنوب وذنوب كبيرة كمان لكنه بيستغفر الله. باب التوبة يا ابني مفتوح لغاية ما تقوم القيامة وقتها الباب بيتقفل وفي نفس الوقت الباب بيتقفل لما الإنسان بېموت بيبقى خلاص كتابه اتملى مش هيتحط فيه حرف زيادة.
هزيت براسي ووقتها قرب مننا راجل وفي إيده علبة ملفوفة في أكياس بلاستيك وراحتها أكل.
الراجل ربع  جنب طاهر وقال له
أمانة يا شيخ طاهر أمي قايلالي أوصلها لك وبتقول لك ادعيلها ربنا يشفيها وهي طالعة العمرة... عمرة اخر رمضان ادعي لها ربنا يديها الصحة تقدر تقف على رجليها.
ضحك طاهر وقال
خليها هي تدعي لي أوعى تنساني من دعاها وأنا هدعيلها ربنا يديها الصحة وتقدر تطوف حوالين الكعبةو قولها ادعي لطاهر ربنا يحبه... أنا مش عاوز غير كده أنا عاوز ربنا يحبني.
أخذ العلبة من إيد الراجل وحطها ما بيني وما بينه.
وقتها الراجل طبطب عليه وقام وهو بيقول
حاضر يا شيخ طاهر السلام عليكم.
ردينا عليه السلام وبعدها طاهر شاور على العلبة وقالي
الحجة والدته ما بتنسانيش أبدا في رمضان وبعد يوم 10 من كل شهر بتكون قبضت المعاش بتطلع حاجة لله وما بتنسانيش... على فكرة بعد ما هنخلص كلام هتاكل معايا عيش وملح ما أنا مش هاكل لوحدي.
ابتسمت وقلتله
طبعا هاكل معاك.
ضحك ضحكة خفيفة وقال
حكايتي مش غريبة ولا عجيبة وزي ما قلت لك بتدور حوالين حاجتين اتنين أول حاجة الطعڼة مش بتيجي غير من القريب أو اللي أنت مديله الأمان وتاني حاجة حسن الخاتمة.
رديت عليه وقلت
أيوة فعلا لكن في نفس الوقت لو أنا حطيت الكلام ده في دماغي... وقتها مش هكلم حد خالص. أنا ليا أصحاب كتير وقرايب وجيران... ولو أخدت بالمبدأ ده إن القريب هو اللي هيطعني في ضهري مش هكلم حد.
جاب راسه كده ناحيه اليمين كأنه متعجب من كلامي وقال
لكنك نسيت حاجة الرسول صلى الله عليه وسلم قال إنك تعامل الإنسان زي ما أنت شايف معاملته قصادك... يعني مثلا عندك واحد صاحبك بيقول لك حرص من فلان ده أنت ما تعرفش بيقول إيه

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات