أصقلها الشيطان سماح سماحه
انت في الصفحة 1 من 27 صفحات
رواية أصقلها شيطان
في بيت الخالة ميسرة متوسط الحال وقفت سدرة صباحا تعد نفسها من أجل الذهاب لمدرستها حيث تدرس في عامها الأخير من المرحلة الثانوية ثم خرجت بعد أنتهائها لتجد خالتها وزوج خالتها يستعدان لتناول طعام الأفطار ألقت عليهما التحية وكما أعتادت أن تفعل دوما قبلت رأسيهما بحب وتقدير وأتجهت لمقعدها تسحبه ثم جلست عليه وشرعت في تناول قطعة خبز بعد أن دهنتها جبنا أبيض والتقمتها بعجالة وكأنها في سباق مع الزمن تعجبت خالتها كثيرا من تعجلها الغير مبرر لكنها لم تنبث بحرف حتى لا تثير حفيظتها فقد أصبحت سدرة مؤخرا تتحسس من أقل كلمة حتى وأن كانت نصيحة توجه لها وما هى الإ ثواني معدودة حتى سعلت سدرة بقوة كما توقعت ميسرة فقد توقف الطعام في مجرى تنفسها لأنها لم تمضغه جيدا وتبلعه سريعا مما جعلها تشعر بالأختناق أمدت الخالة يدها بكوب ماء لها لتشرب ما به حتى يساعدها على التنفس بشكل صحيح لكي يتوقف الفواق الذي أصابها جراء فعلتها ثم صاحت بها تعاتبها بلين
تنفست سدرة بعمق بعدما ابتلعت كوب الماء كله دفعة واحدة ثم نظرت لخالتها بضيق تبرر لها سبب تعجلها
معلش يا خالتو أصل انا مستعجلة لأني اتأخرت
نظرت لها ميسرة متعجبة
اتأخرتي!!
زفرت سدرة بنزق ونظرت لخالتها وقد فاض كيلها بعدما أصبحت خالتها تضيق عليها الخناق وتوجه لها الكثير من الأسئلة المملة
انا اشتركت في مجموعة مدرسية في العربي باخدها يوم ويوم بتبدأ سبعة الإ ربع وبتخلص قبل الطابور وانا قولت لعمي حسان عليها وهو وافق
أنت سمحت لها تاخد المجموعة دي يا حسان
أومأ حسان رأسه بأضطراب واسرع يبعد عينيه عنها لأنه أثار ڠضبها منه فقد طلبت منه مررا أن لا يمنح سدرة موافقته أو يقرر أمرا يخصها وحده وعليه مشاورتها فيه حتى يتخيرا سويا ما هو مناسب لها وعلى غير ما توقع حسان فقد أكتفت ميسرة بهز رأسها بصمت ثم رجعت تنظر لسدرة تسألها
أضطربت سدرة وزادت ضربات قلبها خوفا من أن ينكشف أمرها وتنكشف كذبتها الخبيثة أمامهما لكنها تمالكت نفسها وأظهرت الثبات كما علمها ذلك الخبيث الذي نجح في جذبها لمستنقعه واسرعت تبتسم لها وهى تهز رأسها
تفحصت ميسرة ملامحها فوجدتها هادئة فاطمئنت قليلا لها لكنها أصرت على معرفة أسم المعلم الذي يدرس لها
تمام بس قولي ليا الأول مين المدرس اللي بتاخدي معاه وفي حد معاك من صحباتك البنات
أنا باخد مع استاذ عبدالمتكبر وسوزان صحبتي بتيجي معايا
عقدت ميسرة حاجبيها بدهشة
أول مرة أسمع أن الأستاذ عبدالمتكبر بيدي دروس
أسرعت سدرة توضح لها السبب
لأ دا ميعتبرش درس دي مجموعة تقوية عملها بأجر رمزي وأحنا اللي أصرينا عليه يدينا لأنه شرحه حلو كنوع من ترسيخ المعلومات عندنا وهو مكنش راضي لغاية ما أقترحنا أنه ياخد حاجة بسيطة وكل واحد يدفع اللي يقدر عليه واللي مش قادر ميدفعش
ابتسم حسان مشيدا بفعل صديقه
هو دا الأستاذ عبدالمتكبر طول عمره سباق للخير ربنا يبارك له وعشان كدا أنا وافقت أن سدرة تاخد عنده أول ما قالت ليا
نظرت له ميسرة بعتاب مبطن وهزت رأسها توافقه الرأي
فعلا الواحد يشهد له من طول عمره بالقناعة والفلوس أخر أهتمامته وهمه الأول والأخير مصلحة الطلبه ربنا يبارك له ويصلح له حال أولاده
نهضت سدرة تحمل حقيبتها
طيب انا همشي انا بقى يدوب أوصل على ميعاد الحصة
ناولتها ميسرة عدة شطائر ملفوفة في غلاف بلاستيكي
ماشي يا حبيبتي خدي بالك من نفسك وحطي السندوتشات دي في شنطتك عشان تبقي تاكليها في وقت الفسحة
عقصت سدرة حاجبيها بنزق
هو أنا لسه صغيرة للسندوتشات دي يا خالتو أنا معايا مصروفي عمو حسان ادني مصروف الأسبوع كله أمبارح لو احتاجت حاجة هجيب منه
هزت ميسرة رأسها برفض وأصرت عليها
هتاخدي السندوتشات يعني هتاخديها والإ مفيش خروج من باب البيت
رضخت سدرة لأمر خالتها وأخذت المغلف بضيق تدسه داخل الحقيبة واسرعت تخرج
من باب المنزل تصفقه خلفها بقوة رجعت ميسرة تنظر لزوجها بعتاب لكنه اسرع يواري وجهه منها ويخبئه بداخل الطبق
أمامه يدعي تناول الطعام بنهم لكنها لم تتركه ليهرب من مواجهتها
بقى كدا يا حسان أنا مش منبه عليك متوافقش على طلب لسدرة غير لما ترجع ليا الأول بس هقول أيه تلاقيك ضعفت قدامها تاني كعادتك عارف يا حسان دي بقت مبترضاش تطلب مني حاجة عشان عمله ليها حدود وبقت تطلب منك أنت عشان مبترفضش ليها طلب وبالوضع دا مش هنعرف نسيطر على طلبتها وممكن البنت تروح مننا لا قدر الله
زفر حسان بحزن وهو يوجه نظره لها
متقوليش كدا يا حبيبتي أن شاء الله سدرة دي هتبقى احسن واحدة وبكرة تقولي حسان قال وبعدين مش عايز اقسى عليها يعني واحد يشد وواحد يرخي عشان البنت متكرهناش
ثم نظر أمامه وعيناه تلمع بحسرة
هو أحنا لينا غيرها يا ميسرة دي الحاجة الوحيدة اللي خلت لحياتنا طعم ومعنى بعد ما جات عاشت معانا من وقت حاډثة أختك وجوزها الله يرحمهم
تنهدت ميسرة بثقل بعدما ذكرها زوجها بتلك الذكريات المؤلمة التي عاشتها فيما مضي
الله يرحمهم بس عشان خاطري انا يا حسان لو سدرة طلبت منك حاجة ابقي عرفني لأن تلبيتك لكل طلب ليها كدا غلط وبعدين انا شايفاها بقت تبص لمستوى أعلى من مستوانا ودا بداية الخطړ اللي علينا أننا نحميها منه
أومأ لها بابتسامة ثم نهض يقبل رأسها بحب
تمام يا ستي أعتبريها أخر مرة هعملها وأن شاء الله اي حاجة بعد كدا هقولك عليها الأول هتوكل أنا على الله وهروح أشوف حسابات فرن المعلم عبده قبل ما أروح الشغل
ابتسمت ميسرة له وهى تربت على كفه برفق
ربنا يسترها معاك ويخليك لينا ويرزقك من وسع يا حبيبي
ثم غادر حسان المنزل وترك ميسرة تنهي أعمالها المنزلية المعتادة قبل عودته هو وقطعة السكر للمنزل بعد أنتهاء مهامهما اليومية اعتاد حسان وميسرة أن يلقبا سدرة بقطعة السكر لأنها هى من أعطت الطعم الحلو لحياتهما الجافة بعدما حرما من نعمة الأنجاب بسبب مرض أصاب حسان في صغره أفقده القدرة على الإنجاب ووجدا حسان في سدرة السلوى التي تصبر زوجته على عيبه فكان خوفه وهاجسه الأكبر أن تتركه زوجته التي يعشقها كثيرا لتبحث عن آخر يمنحها الطفل الذي تتمنى وبرغم عدم تذمر ميسرة أو الشكوى من هذا الأمر الإ أنه كان يشعر بها وبمدى معاناتها واشتياقها للأمومة حتى جاءت سدرة في عمر الخامسة لتقيم معاهما فقد تركتها والدتها لدي شقيقتها للذهاب برفقة زوجها لحضور زفاف أحد أصدقائه في مدينة مجاورة لمدينتهم وفي طريق عودتهما تصادمت السيارة الأجرة التي كانا يستقلاها مع أخرى مما أدى لأنقلابها ووفاتهما ومعظم من فيها لتظل سدرة لدى خالتها أمانة وذكرى وعوض لها
نزلت سدرة من منزلهم مسرعة وخرجت تطوي الطريق أمامها حتى تقابله في مكانهما المعتاد كما اتفاقا سويا مساء عبر الهاتف فقد اشتاق لها ولا يستطيع أن يمر يومه دون أن يراها في بدايته هكذا أقنعها ذلك الغاوي اللعوب فقد رأى فيها صيده الثمين الذي يدر عليه المال دون الحاجة للعمل أكثر وجدته سدرة ينتظرها في ذلك المنعطف الذي يوريهما قليلا عن أعين المارة اقتربت منه مبتسمة تلقي عليه التحية
صباح الخير يا ماجد
سحب ماجد نفسا طويلا من سيجارته المصنوعة يدويا حتى كاد أن يبتلعها في جوفه ثم زفر دخانها الكثيف دفعة واحدة وألقى بالجزء الصغير المتبقي منها أرضا يدهسه بقدمه وأقترب منها يمطرها همسا بعبارات غزله التي تحب سدرة أن تسمعها منه
صباح جميل على ملكة جمال المنطقة كلها صباحك خير يا حبيبتي وحشتيني قوي
أبتسمت سدرة منتشية بسعادة بعدما خفق قلبها بقوة وتلون وجهها بحمرة الخجل
وأنت كمان وحشتيني قوي يا حبيبي
نظر ماجد حوله حتى يتأكد من عدم تتبع أحد لهما ثم رجع ينظر لها
ربنا يسهل يا حبيبتي بالكام شهر الباقيين من السنة دي عشان أجي أخطبك زي ما أتفاقنا
رفعت سدرة كتفيها بخجل ثم أنزلتهما وهى تسبل عيناها عليه بهيام
دا انا بعد الأيام بالساعات والدقايق عشان نوصل لليوم دا
غمز لها ماجد بعينه اليمنى وهز رأسه بإيماءة بسيطة
هيجي قريب يا حبيبتي متقلقيش دا انا بحوش كل جنيه يجي معايا عشان شبكتك
على ذكره الشبكة ابتسمت له وأخرجت من جيب تنورتها المدرسية عدة ورقات نقدية وأمدت يدها له بها
خد يا ماجد دول خمسمية جنيه خدتهم من عم حسان مصروف الأسبوع ده وفلوس درس العربي وكمان قولت له بالكذب عايزة اشتري ملخص عشان اقدر اجمع المبلغ ده وأديه ليك على الفلوس اللي قبل كدا
ثم زفرت بضيق
اصل عارفة أن خالتي هتطلب منك شبكة كبيرة وأنت ممكن متقدرش تجمع تمنها في الوقت القصير ده
ابتسم ماجد وهو يأخذ منها النقود ويدسهم في جيبه
وانا لولا
الظروف يا حبيبتي مكنتش هقبل أخد منك جنيه بس خاېف لضيعي مني بسبب تحكمات خالتك
هزت سدرة رأسها توافقه الرأي فهى على يقين من صدقه
متزعلش نفسك يا حبيبي ما هو في الأخر كله هيرجع ليا تاني
أومأ
لها
بابتسامة خبيثة
طبعا يا حبيبتي وعشان تتأكدي من ذمتي أنا مقيد كل مليم خدته منك وكدا بالفلوس دي يبقى وصلني منك عشرين ألف جنيه تحويش سنتين وشوية معايا
عقصت سدرة حاجبيها بحزن
أنا كدا هزعل منك يا ماجد يعني اللي يسمعك بتقول كدا يقول أني مخوناك مثلا
هز ماجد رأسه بنفي
لا يا حبيبتي مش قصدي بس الحق حق وأنت لازم تبقي عارفة ليك كام معايا
اومأت له سدرة بابتسامة عذبة
انا عمري كله ليك يا حبيبي ومش عايزة أعرف انا ليا معاك ايه ولا كام دا كفاية عليا أنت
ثم نظرت في ساعة يدها وأشارت له كي تذهب
معلش بقى مضطرة امشي عشان متأخرش على مجموعة الأستاذ عبدالمتكبر
نظر لها