الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية و بقي منها حطام انثي منال سالم

انت في الصفحة 24 من 60 صفحات

موقع أيام نيوز


نومها ..
وسارت بضعف في اتجاه الصالة وألقت بجسدها المنهك على أقرب أريكة .. ثم لفت نفسها بذراعيها وكأنها تحتمي من ذلك الشړ القابع بالداخل ..
أرجعت رأسها للخلف وأغمضت عينيها وهي
.......................................
انتهى مالك من ترتيب متعلقاته الشخصية في خزانة الملابس بغرفته في منزل رفيقه نادر ..
ذلك الرفيق الذي ندر وجوده في

تلك الأيام ..
كان عرضه سخيا بحق .. فرصة عمل مميزة من وجهة نظره بإحدى شركات الإستيراد والتصدير متعددة الجنسيات والتي يعمل بها كمدير تنفيذي ..
لم يستطع الرفض خاصة وأنه كان يحتاج إلى مكان يبعد فيه عن كل ما يتعلق بالماضي المؤلم ..
أراد فرصة ليبدأ فيها من جديد ..
فرصة تتيح له الوقت ليلملم شتات نفسه ويستعيد هويته التي ضاعت بخيانتها ..
إيثار .. مازال صدى اسمها يتردد في أذنيه وطيف ضحكاتها الناعمة تداعب قلبه ووميض نظراتها الباسمة تسيطر على عقله ..
غمازتيها .. تلك العلامتين التي طالما أسرته ..
إيماءة رأسها وإلتواءة شفتيها وهي عابسة ..
كم
تنهد بعمق لأكثر من مرة محاولا إبعادها بيأس عن ذاكرته ..
ظل يذكر نفسه مرارا أنها لم تعد له هي خائڼة العهود هي التي إرتضت بغيره لأنها أقدر ماديا وأوهمته الحب .. فتركته يقاسي بمفرده في غربة موحشة ..
فردد مع نفسه إحدى قصائد نزار الشعرية مواسيا روحه 
وما بين حب وحب
أحبك أنت
وما بين واحدة ودعتني
وواحدة سوف تأتي
أفتش عنك هنا وهناك
كأن الزمان الوحيد زمانك أنت
كأن جميع الوعود تصب بعينيك أنت
فكيف أفسر هذا الشعور الذي يعتريني
صباح مساء 
.....................................
مد محسن ذراعه وهو شبه غاف إلى جواره ليتلمس زوجته الجميلة فوجد مكانها خاويا وباردا ففتح عينيه فجأة .. وضاقت نظراته المنزعجة وهو يفتش عنها سريعا ..
اعتدل في نومته وحك مؤخرة رأسه ثم تثاءب ونهض بتثاقل من على الفراش ..
جرجر قدميه وهو يتحرك للخارج ..
رأها وهي غافية و متكومة على نفسها على الأريكة في روبها القطني فأثارته وحركت غرائزه نحوها ..
تقوس فمه بإبتسامة عابثة ودار برأسه أفكار طائشة ..
اقترب منها وجلس إلى جوارها .. وظل يطالعها بنظرات دقيقة أكثر جرأة ..
مد يده لينزع ببطء عنها روبها وهو يمتع عينيه بمفاتنها الأنثوية فقد ظل محروما لفترة من امرأة جميلة ترضيه وتلبي رغباته ..
تململت إيثار في نومتها الغير مريحة وشعرت بلمسات حذرة على بشرتها أصابتها بالقشعريرة ..
رعشة باردة دبت فيها فجأة ففتحت عينيها مذعورة وحدقت فيه بهلع ..
رأت يديه على جسدها فأبعدتهما پخوف وضمت سريعا فتحتي روبها لتغلقه جيدا ..
تحولت نظراته للإظلام وهو يرى ردة فعلتها فصاح بها بقوة 
في ايه شوفتي عفريت !!!!
نظرت له متأففة وحاولت النهوض وهي تجيبه بتلعثم 
أنا .. انت آآ...
قاطعها قائلا بشراهة أرعبتها أكثر 
أنا عاوزك
جفل جسدها من نبرته وتفاجئت به يميل عليها رغما عنها وهو يتابع بهمس زاد من شعورها بالنفور 
لسه بتتكسفي مني يا عروسة !
وضعت قبضتيه على ذراعيها فدفعته بعيدا عنها بركبتيها المضمومتين رافضة أي محاولة منه لتحقيق مبتغاه ولكنه أبى ألا يتركها ..
فقد طاب له التمتع بها ..
وها قد عاود تكرار فعلة الأمس ليزيد من إزدرائها لنفسها .....
جمعت تحية صحون طعام الإفطار الفارغة وهي تتنهد بحزن ..
كانت ملامح وجهها عابسة للغاية نظراتها شاردة ..
تشعر بإشتياق إلى ابنتها الوحيدة رغم أنها لم تفارقها إلا بالأمس ..
رأها عمرو على تلك الحالة الواجمة فاقترب منها وسألها متعجبا 
ايه اللي مضايقك 
ردت عليه بإقتضاب 
مافيش !
أدرك عمرو دون أن تنطق والدته أن سبب حزنها هو شقيقته فإبتسم قائلا بمرح 
شكل البت إيثار وحشتك
ردت عليه بصعوبة وهي تحاول منع عبراتها من الإنهمار 
اسكت ياعمرو قطعت بيا !
لف ذراعه حول كتفيها وقبل أعلى رأسها وهو يضيف بتحمس 
ياماما هي لحقت ده تلاقيها متهنية مع محسن ومتمرمغة في العسل !
تنهدت تحية قائلة بتمني 
يا ريت يا بني لأحسن قلبي واكلني عليها أوي !
قومي يا حلوة جاهزيلنا بايديكي الطعمين دول لقمة ناكلها قبل ما نتوكل على الله ونسافر !
لم تعقب عليه بل إكتفت بالنظر إليه شزرا وهي تعيد غلق روبها بيدين شبه مرتعشتين ..
هي ليست كأي عروس سعيدة بزواجها .. هي تعاني بمرور اللحظات وهي في أحضان ذلك السمج المقيت الذي تبغض اقترابه منها ..
وها هو ېحطم فيها مشاعر الود والألفة من جديد ..
لم يدفعها لحبه بالرفق واللين بل تجاهل مشاعرها تماما وكأنها مجرد وعاء ينفث فيه طاقاته المكبوتة قاټلا فيها أي إحساس بالحب والرغبة ...
أعدت تحية وجبة الطعام للعروسين وأضافت عليها الكثير من الفاكهة والحلوى
تأمل رحيم تلك الأكياس البلاستيكية بنظرات ممعنة وتساءل قائلا بجدية 
خلصتي يا تحية 
أجابته بنبرة شبه مرتفعة وهي تلج من المطبخ 
أيوه يا حاج مش ناقص بس غير احطلها العصير
هز رأسه بحركة خفيفة وهو يضيف بتنهيدة حزينة 
ماشي ابقي سلمي عليها أوي
بادلته ابتسامة هادئة وهي تقول 
يوصل يا حاج !
هتف عمرو بنبرة عالية وهو يقف مستندا بجسده على باب المنزل 
يالا يا ماما عشان ألحق أوصلك
ردت عليه بصياح 
حاضر هاربط الطرحة وأجيلك يا عمرو !!
طيب أنا هاخد الشنط وهاسبقك على تحت
ماشي يا بني
وبالفعل أمسك عمرو بالأكياس البلاستيكة وخرج من المنزل وأغلق الباب خلفه لينزل

هبوطا على الدرج ..
في نفي التوقيت كانت روان صاعدة إلى منزلها وما إن وقعت عينيها عليه حتى حدجته بنظرات قاټلة تعجب منها ..
كانت تحمله هو وأخته اللوم في فراق أخيها ..
لم تستطع إخفاء مشاعرها العدائية نحوه واستشف ببساطة سبب تلك النظرات فهي لم تكن بحاجة إلى أي تفسير .. فالسبب كان واضحا للعيان ورغم هذا نظر لها بجمود وتحرك بخطوات بطيئة للأسفل ...
...................................
توقفت سيارة الأجرة أمام محطة القطارات فترجل منها محسن بعد أن دفع للسائق أجرته ثم تبعته إيثار وهي تنظر حولها بإرتياب ..
سحب حقيبة سفر مليئة بثيابها خلفه وأمسك بقبضته الأخرى إيثار وكأنها يخشى إفلاتها منه ..
دفعها للركوب في عربة القطار بعد حجز التذكرتين .. وجلست كالتائهة حيث أمرها ..
بعد برهة تحرك بهما القطار بعد إطلاق صافرته إلى وجهة لا تعلمها بعد ..
وضعت هي نظارة شمس قاتمة لتحجب عينيها المنتفختين عنه .. لكنها لم تستطع منع عقلها من التفكير فيما سيحدث لاحقا ..
فقلبها ينبئها بوجود خطب ما في تلك السفرة مجهولة المعالم ..
ايوه يا عمرو
كانت كمن أصابته الصاعقة بعد تلك الكلمات المقتضبة وارتفع حاجبيها في ذهول عجيب .. فمن كان ينعته بتلك الصفة البشعة هو أخيها الوحيد ..
تأججت النيران بصدرها واشتعلت عينيها ڠضبا كيف يجرؤ على هذا ويسيء إلى أخيها في حضرتها وفي غيابه وهو الذي يدعي رفقته وصحبته الطيبة ..
بدأت خصاله السيئة تنكشف أمامها تلك الصفات التي تغاضى الجميع عنها عمدا من أجل تزويجها له ...
ظلت على حالتها المصډومة وهي تتابع باقي حديثه الجاف 
احنا مسافرين .. لأ .. لسه مش دلوقتي .. معلش مراتي وأنا حر معاها .. هانبقى نكلمك .. أها .. سلم عليها ماشي .. شكرا
أنهى المكالمة وهو يرسم ابتسامة صفراء على شفتيه ثم رفع رأسه لينظر إليها ببرود قاټل وهو يقول 
أنا هافصل الموبايل مش ناقص خوتة من أهلك
اتسعت حدقتيها الحانقتين وهي تسأله بنبرة حادة
انت .. انت ازاي ټشتم أخويا كده 
رد عليها ببرود يحمل التهكم 
عادي غلطت في البخاري ياخي
ثم مال للأمام بجسده نحوها ورمقها بنظرات قاسېة وهو يتابع بفظاظة 
وبعدين انتي مراتي وأنا حر معاكي في تصرفاتي فلا أخوكي ولا حد من عيلتك ليه الكلمة معايا فاهمة !
اكتفت بالضغط على شفتيها بقوة وزادت نظراتها الكارهة له .. ثم أشاحت بوجهها بعيدا عنه وهي تدعو الله أن يرحمها من تلك الکاړثة التي وقعت فيها ويهون عليها القادم ........................
.........................................
يتبع الجزء الثاني بعد قليل
وبقي منها حطام أنثى
الفصل السادس عشر الجزء الثاني 
بعد سفرة مرهقة امتدت لعدة ساعات توقف القطار في المحطة المنشودة .. فهب محسن واقفا وسحب الحقيبة من الأعلى وهو يهتف بصوت صارم 
يالا انزلي احنا وصلنا
فما كان من إيثار إلا الإنصياع له والتحرك خلفه ..
ترجلت من عربة القطار وهي تجوب بأنظارها المكان بنظرات أكثر دقة ..
لقد كانت في بلدة ريفية تابعة لإحدى محافظات الوجه البحري .. 
إنتابها الفضول لتعرف طبيعة هذا المكان وسبب وجودها فيه دونا عن غيره .. خاصة أنه لا يلائم عروسين تزوجا حديثا وأتيا للتمتع بشهر العسل ..
أهلا يا سي محسن نورت البلد 
قال تلك العبارة أحد الرجال ذوي الملابس الريفية المميزة وهو يقترب من زوجها ..
صافحه محسن بجفاء وناوله الحقيبة وأردف قائلا بهدوء 
خدها على البيت يا عبعال
أومأ الرجل برأسه وهو يرفع الحقيبة على كتفه ليقول بنبرة مطيعة 
أوامرك يا سي محسن !
شعرت إيثار بالغموض والقلق من معرفة ذلك الرجل لهوية زوجها وكأنه يعلم مسبقا بقدومه ..
ثم رسمت على شفتيها ابتسامة هادئة .. بالطبع فتلك هي بلدته ومن المؤكد أن الجميع يعرفه فيها ..
أقنعت نفسها بأن هذا هو التفسير المنطقي للموقف .. 
.................................
بعد أقل من عشر دقائق كانت تنعم إيثار فيها بالتمتع بالنظر إلى تلك الأراضي الخضراء الخصبة تلك المناظر الطبيعية التي أراحت إرهاق عقلها وأنستها مؤقتا ما مرت به بالأمس توقفت السيارة أمام إحدى البنايات المنخفضة ..
ترجلت من السيارة وهي تتمعن في المكان من حولها بنظرات سريعة
شاملة ..
خرجت إحدى السيدات من ذلك المبنى المنخفض وهي تطلق الزغاريد هاتفة بحماس 
يا مرحب بالغالي اتفضل يا سي محسن نورت دارك يا غالي !
رد عليها بهدوء وهو يشير برأسه 
متشكر يا أم فتحي !
ثم قطب جبينه وهو يتساءل بجدية 
أومال الست أمل موجودة 
ردت عليه أم فتحي بهدوء 
ايوه ومستنظراك إنت وعروستك !
أمرها قائلا وهو يشير بإصبعه 
طيب هاتي الشنطة من عبعال ودخليها جوا 
حاضر يا بيه
ثم الټفت برأسه نحو إيثار ليوجه حديثه إليها قائلا بجدية 
تعالي يا إيثار
تساءلت الأخيرة في نفسها عن سبب وجودها في هذا المنزل وكذلك عن تلك المرأة ولكنها لم تدع الفرصة لعقلها للتفكير فما هي إلا دقائق لتعرف كل شيء ..
.....................................
خطت إلى داخل المنزل بخطوات شبه متعثرة فهي ضيفة على هذا المكان الجديد لا تعرف فيه أحد .. ليس لها فيه إلا زوجها محسن الذي لا تعرف عنه إلا القليل ..
نجحت في الإستمرار في رسم تلك الإبتسامة الهادئة على ثغرها .. ولكن سريعا ما تلاشت وحل محلها الصدمة حينما رأت محسن يقبل امرأة ما من وجنتيها بحرارة واضحة ..
رمشت بعينيها محاولة استيعاب الموقف .. 
ولكن لم تستطع اخفاء إنزعاجها من تعابير وجهها ..
استدار هو ليواجه إيثار فأتاح لها
الفرصة لرؤية المرأة بوضوح .. 
كانت تتمتع ببشرة خمرية ووجه بشوش نظراتها إلى حد ما مطمئنة وعلى ثغرها تشكلت إبتسامة طيبة .. أما ملابسها فكانت بسيطة للغاية فهي ترتدي فستانا ريفيا بسيطا من اللون الأزرق ومنتشر عليه صورا مطبوعة لرسمة الوردة الشهيرة كما لفت حول رأسها حجابها القطني من اللون
 

23  24  25 

انت في الصفحة 24 من 60 صفحات